إعادة صياغة دونالد ترامب لسياسة الولايات المتحدة بشأن الهجرة، لا تعني مجرد السماح لعدد أقل من القادمين الجدد بدخول البلاد، بل إنها أيضاً تعيد تعريف من يستحقون الدخول. والمعيار الذي أعلنته الإدارة هو أنهم أولئك الذين يتمتعون بالاكتفاء الذاتي.
وبالنسبة لمؤيدي الرئيس، هذا أمر منطقي. فتفضيل المهرة يمكن أن يعزز الاقتصاد الأميركي. وتفضيل المجتهدين سيقلل من فاتورة دافعي الضرائب المتزايدة لبرامج شبكة الأمان الاجتماعي. وهم يقولون إن بلداناً مثل أستراليا وكندا قطعت بالفعل شوطاً نحو تفعيل نظام «قائم على الجدارة» لنيل تأشيرات الهجرة.
وقال «كين كوتشينيلي»، القائم بأعمال مدير مصلحة المواطنة والهجرة الأميركية: إن الرئيس لم يخف حقيقة أنه يؤمن بأن نظام الهجرة الأميركي، أولاً وقبل كل شيء، قد أنشئ للعمل لصالح أميركا، أي من الناحية الاقتصادية ومن أجل الأشخاص الموجودين هنا بالفعل». إنه هدف يتردد صداه مع ناخبين أمثال «تامي واديل» الذي يمتلك مزرعة للجياد قرب واشنطن، والذي يصف نظام الهجرة الحالي في الأمة بأنه «خارج عن السيطرة».
لكن قد لا يكون تطبيق نموذج الاكتفاء الذاتي بهذه البساطة. والسبب هو أنه ليس من السهل التمييز بين المهاجرين المرغوب فيهم وغير المرغوب فيهم.
إن سياسات ترامب تقلل من عدد العمال المتاحين في سوق العمل. وتنتشر في جميع أنحاء أميركا إعلانات «طلب مساعدة» للعمل في وظائف منخفضة المهارات، ليست مخصصة لخريجي الجامعات الذين يفضلهم الرئيس. ويمكن للقاعدة التي وضع كوتشينيلي مؤخراً اللمسات الأخيرة عليها أن تحد كثيراً من عدد المهاجرين المتاحين للعمل بأجر منخفض. وهي تسعى إلى حجب البطاقات الخضراء عن الأشخاص الذين يحتمل أن يلتحقوا ببرامج الرعاية الاجتماعية الفيدرالية.
والقيود الجديدة، التي تستند على ما إذا كان شخص ما يحتمل أن يصبح «حملاً عاماً»، تعتمد على القوانين الفيدرالية والمبادئ التوجيهية التي تعود لعام 1882. وأنشأت إدارة ترامب قاعدة أكثر تقييداً وتفصيلاً مرتبطةً بالقانون الأميركي. وفي الأسبوع الماضي، منع القضاة في عدة محاكم فيدرالية تفعيلها.
يقول النقاد إن القاعدة ستعد تنقيحاً لنموذج «أرض الفرص» المتجسد في قاعدة تمثال الحرية. لكن مؤيدي هذه السياسة، ومنهم كوتشينيلي، يدافعون عن التركيز الشديد على «القيمة الاقتصادية» للمهاجرين، إذ يؤكد: «سنواصل تقديم أكبر إعانة دائمة طويلة الأمد في العالم. لذا فإن وضعنا باعتبارنا الدولة الأولى الأكثر سخاءً في العالم ليس في خطر».
ويرى بعض خبراء السياسة الاقتصادية أن تقليص عدد المهاجرين قد يأتي بنتائج اقتصادية عكسية، وأن الطلب مركز حالياً على العمال من ذوي المهارات المنخفضة والمساهمات الضخمة التي يقدمها المهاجرون لإنشاء شركات جديدة.
وتسعى إجراءات ترامب الأخيرة إلى استبعاد المتقدمين الذين لا يستطيعون إثبات قدرتهم على صرف التأمين الصحي، مما يشكل عقبة أمام العديد من المهاجرين المحتملين.
وقد يكون ذلك مشكلة بالنسبة للاقتصاد، كما توضح غرفة التجارة الأميركية التي تدعم برامج لجذب المهاجرين ذوي المهارات العالية والمتدنية، والتي حذرت مؤخراً من انخفاض عدد الأشخاص القادمين من الخارج للدراسة في الجامعات الأميركية، والذين غالباً ما يصبحون موظفين.
ويرى العديد من الاقتصاديين أن المهاجرين يدفعون ضرائب تفوق المزايا التي يحصلون عليها، ويساهمون في الابتكار بطرق يمكن أن تعيقها السياسات التي تقيد تنوعهم، وأنهم لا يقوضون الفرص المتاحة للمقيمين في الولايات المتحدة.

*صحفي اقتصادي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»